فصل: كتاب الطهارة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر ***


كتاب الطهارة

افتتح بكتاب الطهارة ‏;‏ لأنها مفتاح الصلاة وهي مستحقة للتقديم على باقي العبادات لكونها عماد الدين قيل ‏:‏ هي أول ما يحاسب عليها العبد الكتب في اللغة الجمع ومنه الكتاب وهو في الأصل مصدر سمي به المكتوب تسمية للمفعول بالمصدر على التوسع الشائع واصطلاحا طائفة من المسائل اعتبرت مستقلة سواء كانت مستقلة في نفسها ككتاب اللقطة أو تابعة لما بعدها ككتاب الطهارة أو مستتبعة لما قبلها ككتاب الصلاة أو نوعا واحدة ككتاب اللقطة أو أنواعا منها ككتاب الطهارة واختار لفظ الكتاب دون الباب ‏;‏ لأن اشتقاق الكتاب يدل على الجمع بخلاف الباب والغرض جميع أنواع الطهارة لا نوع منها ‏.‏

والطهارة لغة مصدر طهر الشيء بضم الهاء وفتحها بمعنى النظافة مطلقا ‏,‏ واصطلاحا النظافة عن الحدث والخبث وما قاله بعض الفضلاء من أن الطهارة في الشرع نظافة المحل عن النجاسة حقيقة كانت أو حكمية سواء كان لذلك المحل تعلق بالصلاة كالبدن والثوب والمكان أو لم يكن كالأواني والأطعمة ومن خصها بالأول فقد أخطأ ليس بوارد ‏;‏ لأن المراد بالطهارة ها هنا الطهارة المخصوصة بالصلاة لا الكلية الشاملة لجميع أنواعها ‏,‏ وإنما وحدها ‏;‏ لأنها في الأصل مصدر يتناول القليل والكثير ومن جمعها فقد قصد التصريح بأنواعها وسبب وجوبها وجوب ما لا يحل بدونها كالصلاة وسجدة التلاوة ومس المصحف ‏.‏

قيل سبب وجوبها القيام إلى الصلاة وهذا فاسد ‏;‏ لأن ‏(‏ النبي عليه الصلاة والسلام صلى خمس صلوات بوضوء واحد ‏)‏ ‏.‏

وقيل الحدث لدورانه معه وجودا وعدما وهذا فاسد ‏;‏ لأن السبب ما يكون مفضيا إلى الشيء والحدث رافع لها فكيف يكون سببا لها قال الله تعالى ‏{‏ يا أيها الذين آمنوا ‏}‏ افتتح بكتاب الله تعالى تيمنا وإلا فذكر الدليل خصوصا على وجه التقديم ليس من دأبه ‏{‏ إذا قمتم إلى الصلاة ‏}‏ أي إذا أردتم القيام إلى الصلاة من باب ذكر المسبب وإرادة السبب الخاص ‏,‏ فإن الفعل الاختياري لا يوجد بدون الإرادة كما في جميع شروح الهداية وغيرها فإن قيل ظاهر الآية الكريمة يوجب الوضوء على كل قائم إليها ‏,‏ وإن لم يكن محدثا لما أن الأمر للوجوب قطعا والإجماع على خلافه ‏,‏ والجواب على ما ذكره بعض المفسرين من أن الخطاب خاص بالمحدثين بقرينة دلالة الحال ‏,‏ واشتراط الحدث في التيمم الذي هو بدله ‏{‏ فاغسلوا وجوهكم ‏}‏ الغسل هو الإسالة أي أمروا عليها الماء ‏{‏ وأيديكم إلى المرافق ‏}‏ الجمهور على دخول المرفقين في المغسول ‏,‏ ولذلك قيل إلى بمعنى مع وواحدها مرفق بكسر الميم وفتح الفاء ‏{‏ وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين ‏}‏ لا إشكال على قراءة النصب عطفا على الوجه واليدين وأما على قراءة الجر عطفا على الرأس فللمجاورة والإتباع لفظا لا معنى ‏,‏ وفائدة صورة الجر التنبيه على أن المتوضئ ينبغي أن يغسل الرجل غسلا خفيفا شبيها بالمسح لما أنها مظنة الإسراف ‏.‏

فصل الطهارة بالماء المطلق

‏(‏فصل ‏)‏ الفصل في اللغة ظاهر وفي الاصطلاح طائفة من المسائل تغيرت أحكامها بالنسبة إلى ما قبلها فإن وصل إلى ما بعده نون ‏,‏ وإلا فلا لما فرغ من بيان أحكام الطهارتين وما يوجبهما وما ينقضهما شرع فيما تحصل به الطهارة فقال ‏:‏ ‏(‏ وتجوز الطهارة بالماء المطلق ‏)‏ عند القدرة عليه والمطلق ما يتعرض للذات دون الصفات قال أهل الأصول هو المتعرض للذات فحسب والمقيد هو المتعرض للذات والصفات ‏,‏ والمراد به ها هنا ما يسبق إلى الأفهام بمطلق قولنا ‏:‏ الماء ‏.‏

ويقال ‏:‏ المطلق ما لا يحتاج في تعرض ذاته إلى شيء آخر والمقيد ما لا يتعرض ذاته إلا بالمقيد ‏(‏ كماء السماء والعين والبئر والأودية والبحار ‏)‏ لقوله تعالى ‏{‏ وأنزلنا من السماء ماء طهورا ‏}‏ كما في الهداية وغيرها هذه الآية تدل على كل فرد من أفراد الدعوى إن كان أصل كل المياه من السماء كما نطق به قوله تعالى ‏{‏ ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فسلكه ينابيع في الأرض ‏}‏ الآية وعلى بعضها إن لم يكن كذلك لكن الآية الكريمة تدل على أن الماء الطهور أنزل من السماء والمدعى كون ما أنزل منه من الماء طهورا فلا يتم التقريب ولو سلم فاللازم من الآية كون الماء طهورا وهو لا يستلزم كونه مطهرا لغيره ‏;‏ لأن أصحابنا يصرحون بأن ليس معنى الطهور لغة ما يطهر غيره بل إنما هو المبالغ في طهارته أي ‏:‏ طهارته قوية والأولى أن يستدل بقوله تعالى ‏{‏ وينزل من السماء ماء ليطهركم به ‏}‏ تدبر ‏,‏ وإنما جعل المصنف ماء العين ‏,‏ وما عطف عليه قسيما لماء السماء وليس كذلك بل الجميع على القول الصحيح ماء السماء كما بين آنفا بناء على الظاهر ‏.‏

‏(‏ وإن ‏)‏ وصلية ‏(‏ غير ‏)‏ شيء ‏(‏ طاهر بعض أوصافه ‏)‏ ‏(‏ كالتراب والزعفران والصابون ‏)‏ هذا الحكم فيما إذا كان الماء رقيقا بعد الاختلاط أما إذا كان ثخينا بأن غلب عليه الشيء المختلط فلا تجوز ‏,‏ وقيد المصنف ببعض أوصافه إشارة إلى أن المتغير لو كان كلها يعني اللون والطعم والرائحة لا تجوز لكن المنقول عن بعض أصحابنا أنه تجوز ألا يرى إلى ما قال صاحب النهاية نقلا عن الأساتذة ‏:‏ وأما ماء الحوض إذا تغير لونه وطعمه ورائحته إما بمرور الزمان أو بوقوع الأوراق كان حكمه حكم الماء المطلق ‏,‏ وفيه كلام ‏;‏ لأن هذا مخالف لما أشار إليه المصنف لكن يمكن التوجه بأن ما نقل صاحب النهاية محمول على الضرورة فلا ينافي القول بعدم الجواز عند عدم الضرورة كما في التحفة ‏.‏

وقال الشافعي لا يجوز التوضؤ بماء الزعفران وأشباهه مما ليس من جنس الأرض ‏;‏ لأنه ماء مقيد ألا يرى أنه يقال له ‏:‏ ماء الزعفران بخلاف أجزاء الأرض ‏;‏ لأن الماء لا يخلو عنها عادة ولنا أن الاسم باق على الإطلاق ألا يرى أنه لم يتجدد له اسم على حدة ‏,‏ وإضافته إلى الزعفران وأشباهه كإضافته إلى البئر والعين أنها للتعريف لا للتقييد ‏,‏ وعلامة إضافة التقييد قصور الماهية في المضاف كان قصورها قيده كي لا يدخل المطلق مثاله حلف لا يصلي فصلى الظهر يحنث ‏;‏ لأنها صلاة مطلقة وإضافتها إلى الظهر للتعريف ولا يحنث بصلاة الجنازة ‏;‏ لأنها ليست بصلاة مطلقة وإضافتها إليها للتقييد ‏(‏ وأنتن بالمكث ‏)‏ عطف على أن غير المكث بفتح الميم مصدر بمعنى الانتظار والماضي منه مكث بفتح الكاف وضمها ‏,‏ والاسم منه مكث بضم الميم وكسرها ‏.‏

الماء المستعمل

‏(‏ والماء المستعمل طاهر غير مطهر هو المختار ‏)‏ قدم الكلام في حكم الماء المستعمل على تعريفه اهتماما لشأن ما هو المقصود وإشارة إلى أن التعريفات إنما تقع تبعا وضرورة ‏;‏ لأن البحث عن حقائق الأشياء ليس من وظيفة أهل هذا الفن ‏,‏ والأصل في ذلك أن محمدا روى في عامة كتبه عن أصحابنا جميعا أن الماء المستعمل طاهر غير مطهر ‏,‏ وهو ظاهر الرواية عن الإمام وعليه الفتوى لعموم البلوى ‏.‏

وقال مالك ‏:‏ طاهر ومطهر إذا كان الاستعمال لم يغيره لكنه مكروه مع وجود غيره مراعاة للخلاف وللشافعي ثلاثة أقوال وأظهرها كقول محمد ‏.‏ وفي قول ‏:‏ طاهر ومطهر كقول مالك ‏,‏ وفي آخر أن المستعمل إن كان محدثا فهو طاهر غير مطهر وإن كان متوضئا فهو طاهر ومطهر ‏,‏ وهو قول زفر ‏.‏

‏(‏ وعن الإمام أنه نجس مغلظ ‏)‏ في رواية الحسن عنه وهو رواية شاذة غير مأخوذ بها ‏.‏ ‏(‏ وعن أبي يوسف مخفف ‏)‏ للاختلاف الواقع فيه ‏;‏ لأن اختلاف العلماء يورث التخفيف ‏(‏ وهو ما استعمل لقربه ‏)‏ فالسبب إقامة القربة لا نيتها ‏;‏ لأنها قد توجد ولا تقام القربة فلا يتحقق الاستعمال ‏(‏ أو لرفع حدث ‏)‏ الماء يصير مستعملا عندهما بكل من القربة وإزالة الحدث ‏(‏ خلافا لمحمد ‏)‏ فإن عنده بالأول فقط ‏.‏

وعند زفر والشافعي بالثاني فقط لكن إزالة الحدث لا يتحقق إلا بنية القربة عند الشافعي سواء كان الحدث الأصغر أو الأكبر ‏;‏ لأن الوضوء قد وجد في الاغتسال وبدون النية لا يتحقق الوضوء عنده فإن لم يتحقق لم يتحقق الاغتسال ‏;‏ لأن الوضوء جزء من الاغتسال ‏,‏ والكل ينتفي بانتفاء جزئه وبهذا ظهر ضعف ما قيل ‏,‏ واشتراط النية في الجنابة عند الشافعي محل بحث ‏,‏ ولا تصريح به في كتابه فليتأمل ‏.‏

‏(‏ ويصير مستعملا إذا انفصل عن البدن ‏)‏ ‏.‏ وفي الهداية هو الصحيح ‏.‏ وفي المحيط أن الماء إنما يأخذ حكم الاستعمال إذا زال عن البدن ‏,‏ والاجتماع في المكان ليس بشرط هذا هو مذهب أصحابنا ‏.‏ وقال المولى المعروف بيعقوب باشا ولا يخفى أن في هذا حرجا عظيما على قول الإمام وأبي يوسف من أن الماء المستعمل نجس وفيه كلام ‏;‏ لأنه إنما يلزم لو لم يكن المختار كون الماء المستعمل طاهرا والمختار أنه طاهر كما هو اختيار أكثر المشايخ ‏.‏

وظاهر الرواية عن الإمام وعليه الفتوى وإطلاق قول أبي حنيفة رحمه الله على أن الماء المستعمل نجس ليس بسديد ‏;‏ لأن رواية كونه نجسا عنه رواية شاذة كما بين آنفا تدبر ‏.‏ ‏(‏ وقيل إذا استقر في مكان ‏)‏ وهو اختيار الطحاوي ومذهب سفيان الثوري وإبراهيم النخعي وبعض مشايخ بلخي وبه كان يفتي ظهير الدين المرغيناني ‏.‏

وفي خلاصة الفتاوى المختار أنه لا يصير مستعملا ما لم يستقر في مكان ويسكن عن التحريك ‏.‏ لكن المصنف أورد بصيغة التمريض ‏;‏ لأن الأول أحوط ‏,‏ والاعتماد أولى ‏;‏ لأن المقام مقام العبادات وفائدة الخلاف تظهر فيما انفصل ولم يستقر بل هو في الهواء فسقط على عضو إنسان وجرى فيه من غير أن يأخذه بكفه فعلى الأول لا يصح وضوءه وعلى الثاني يصح ‏.‏

فصل تنزح البئر لوقوع نجس

فصل ‏(‏ تنزح البئر ‏)‏ أي ماؤها من قبيل ذكر المحل وإرادة الحال ‏(‏ لوقوع نجس ‏)‏ ما لم تكن عشرا في عشر ‏;‏ لأنها لو كانت عشرا في عشر لا يتنجس بشيء ما لم يتغير لونه أو طعمه أو ريحه ‏,‏ والقياس أن لا تطهر أصلا لاختلاط النجاسة بجميع ما فيها من الأحجار والأخشاب وغيرهما ويتعذر الغسل أو لا يتنجس اعتبارا بالماء الجاري ‏;‏ لأنها كلما يؤخذ من أعلاها ينبع من أسفلها لكن ترك القياس للآثار ‏;‏ ولهذا قيل ‏:‏ مسائل الآبار مبنية على اتباع الآثار حتى إذا خرج الواجب منها حكم بطهارة جميع ما فيها ودلوها ويد النازح ‏.‏ وعند الشافعي يستخرج النجس ‏,‏ ويبقى الماء طاهرا ‏(‏ لا بنحو بعر ‏)‏ مطلقا ‏.‏ ‏(‏ وروث وخثي ما لم يستكثر ‏)‏ أي ما لم يستكثره الناظر هذا رواية عن الإمام ‏,‏ وهو اختيار القدوري وصاحب الهداية وقاضي خان ‏,‏ وعليه الاعتماد ‏,‏ وروي عن محمد ما يغطي وجه ربع الماء كثير وما دونه قليل ‏,‏ ومن المشايخ من قال ‏:‏ ثلثه ومنهم من قال ‏:‏ لا يخلو دلو عن بعرة وهو اختيار الطحاوي ومحمد بن سلمة وروى هشام عن محمد ‏:‏ الكثير ما يغير لون الماء ‏.‏

ولو بعرت الشاة في المحلب بعرة أو بعرتين قالوا ‏:‏ ترمى البعرة في ساعته ويشرب اللبن لمكان الضرورة ولا يعفى القليل في الإناء لعدم الضرورة وعن أبي يوسف أنه بمنزلة البئر في حق البعرة والبعرتين ‏(‏ ولا بخرء حمام وعصفور فإنه ‏)‏ أي الخرء ‏(‏ طاهر ‏)‏ خلافا للشافعي فإن عنده يفسده كخرء الدجاج ‏,‏ وهو القياس واستحسن علماؤنا طهارته بدلالة الإجماع فإن الصدر الأول ‏,‏ ومن بعدهم أجمعوا على جواز اقتناء الحمامات في المساجد حتى المسجد الحرام مع ورود الأمر بتطهيرها بقوله تعالى ‏{‏ أن طهرا بيتي ‏}‏ وفي ذلك دلالة ظاهرة على عدم نجاسته ‏,‏ وخرء العصفور كخرء الحمامة فما يدل على طهارة هذا يدل على طهارة ذاك وكذا خرء جميع ما يؤكل من الطيور على الأصح ‏.‏

‏(‏ وإذا علم وقت الوقوع ‏)‏ أي وقت حيوان مات في البئر ‏(‏ حكم بالتنجس من وقته ‏)‏ أي من وقت الوقوع ‏.‏ ‏(‏ وإلا ‏)‏ أي وإن لم يعلم ‏(‏ فمن يوم وليلة إن لم ينتفخ الواقع أو لم يتفسخ ‏)‏ ‏;‏ لأن أقل المقادير في باب الصلاة يوم وليلة فإن ما دون ذلك ساعات لا يمكن ضبطها لتفاوتها ‏(‏ ومن ثلاثة أيام ولياليها إن انتفخ أو تفسخ ‏)‏ ‏;‏ لأن الانتفاخ دليل التقادم فيقدر وقوعه منذ ثلاثة أيام ‏;‏ لأنها أقل الجمع ‏.‏ ‏(‏ وقالا من وقت الوجدان ‏)‏ ‏;‏ لأن الماء طاهر بيقين ‏,‏ ووقع الشك في نجاسته فيما مضى واليقين لا يزول بالشك فصار كمن رأى في ثوبه نجاسة أكثر من قدر الدرهم ‏,‏ ولم يدر متى أصابته لا يعيد شيئا من صلاته بالاتفاق وهو الصحيح ‏.‏

‏(‏ و ‏)‏ ينزح ‏(‏ عشرون دلوا ‏)‏ بطريق الوجوب بعد إخراج الواقع ‏.‏ ‏(‏ وسطا ‏)‏ وهي الدلو المستعملة في آبار البلدان ‏,‏ والقطرات التي تعود إلى الماء عفو لتعذر الاحتراز ‏(‏ إلى ثلاثين ‏)‏ بطريق الاستحباب ‏(‏ بموت نحو فأرة أو عصفور أو سام أبرص ‏)‏ قيد الموت غير معتبر في المسألة فإنها لو ماتت في الخارج ثم ألقيت فيها لا يختلف جواب المسألة ‏.‏ وفي الجوهرة الفأرة إذا وقعت هاربة من الهرة ينزح كله ‏;‏ لأنها تبول ‏,‏ وكذا إذا كانت مجروحة أو متنجسة ولو وقع أكثر من فأر فإلى الأربع كالواحد عند أبي يوسف ‏,‏ ولو خمسا كالدجاجة إلى التسع ولو عشرا كالشاة ولو كانت فأرتان كهيئة الدجاجة فأربعون عند محمد ‏(‏ وأربعون ‏)‏ وجوبا ‏(‏ إلى ستين ‏)‏ استحبابا في رواية ‏,‏ وأخرى إلى خمسين ‏(‏ بنحو حمامة أو دجاجة أو سنور ‏)‏ وما بين فأرة وحمامة كفأرة كما بين دجاجة وشاة كدجاجة ‏.‏ وفي السنورين ينزح كله ‏(‏ وكله بنحو كلب أو شاة أو آدمي أو انتفاخ الحيوان ‏)‏ الدموي ‏(‏ أو تفسخه ‏)‏ ‏.‏ ولو صغيرا لانتشار البلة في أجزاء الماء ‏.‏ موت الكلب ليس بشرط حتى لو انغمس وأخرج حيا ينزح جميع الماء وكذا كل ما سؤره نجس أو مشكوك ‏,‏ وإن مكروها فيستحب نزحه في رواية والشاة إذا أخرجت حية إن كانت هاربة من السبع نزح كله خلافا لمحمد والآدمي إذا أخرج حيا إن كان محدثا نزح أربعون وإن جنبا نزح كله ولو وقع آدمي ميت قبل الغسل ينجس وإن بعد الغسل لا إلا أن يكون كافرا أو جنبا ‏.‏

‏(‏ وإن لم يمكن نزحها ‏)‏ بأن كانت معينا ‏(‏ نزح قدر ما كان فيها ‏)‏ أي في البئر بقول رجلين لهما معرفة بأمر الماء عند الإمام في رواية ‏,‏ وهو الأصح والأشبه بالفقه لكونهما نصاب الشهادة الملزمة ‏.‏ وفي رواية ينزح منها مائة دلو ‏.‏ وفي رواية ينزح حتى يغلبهم الماء ‏,‏ ولم يقدر الغلبة بشيء لتفاوتها بل فوضها إلى رأيهم كما هو دأبه وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى ينزح قدر ما فيها بأن تحفر حفيرة مثل موضع الماء من البئر ويصب فيها ما ينزح منها إلى أن تمتلئ أو ترسل فيها قصبة وتجعل لمبلغ الماء علامة ثم ينزح مثلا عشر دلاء ثم تعاد القصبة فيظهر لكم النقص فينزح لكل قدر منها عشر دلاء ‏(‏ ويفتى بنزح مائتي دلو إلى ثلاثمائة ‏)‏ وهو مروي عن محمد كأنه بنى قوله على ما شاهد في بلدة بغداد فإن آبارها لا تزيد على ثلاثمائة دلو ‏.‏

‏(‏ وما زاد على الوسط احتسب به ‏)‏ حتى لو نزح بدلو عظيم مرة مقدار الواجب جاز لحصول المقصود وهو نزح المقدار الذي قدره الشرع ‏.‏

وقال زفر ‏:‏ لا يجوز ‏;‏ لأن بتواتر الدلاء يصير الماء كالجاري ‏,‏ ومثله عن الحسن ولنا أن اعتبار الجريان ساقط لحصول المقصود ألا يرى أنه لو نزح في عشرة أيام كل يوم دلوين جاز ‏,‏ ولو كان مكان ما زاد غير الوسط لكان أولى لشموله صورة النقصان أيضا ‏.‏

‏(‏ وقيل ‏:‏ يعتبر في كل بئر دلوها ‏)‏ كما في الهداية أورده المصنف بصيغة التمريض ‏;‏ لأنه يلزم من هذا أن يكون نزح قدر من الماء مطهرا في بئر غير مطهر في أخرى مع اتحاد سبب النجاسة لاختلاف دلوهما في المقدار وقيل ما يسع صاعا ‏,‏ وهو ثمانية أرطال ‏.‏

طهارة سؤر الآدمي

‏(‏ وسؤر الآدمي ‏)‏ مطلقا إلا حال شرب الخمر فإن سؤره في تلك الحالة نجس قبل بلع ريقه فإن بلع ريقه ثلاث مرات طهر فمه عند الإمام ‏;‏ لأن المائع مطلقا مطهر من غير اشتراط صب عنده ‏(‏ والفرس وما يؤكل ‏)‏ لحمه بغير كراهة من الطيور والدواب إلا الإبل والبقر الجلالة وهي التي تأكل العذرة ‏(‏ طاهر ‏)‏ ‏;‏ لأن لعابهم متولدة من لحم طاهر ‏,‏ وكراهة لحم الفرس في رواية لاحترامه ‏;‏ لأنه آلة الجهاد لا لنجاسته فلا يؤثر في كراهة سؤره ‏,‏ وهو الصحيح ‏(‏ وسؤر الكلب والخنزير وسباع البهائم نجس ‏)‏ لنجاسة لحمها ‏.‏

وقال الشافعي طاهر غير الكلب والخنزير ‏(‏ وسؤر الهرة ‏)‏ قبل أكل الفأرة وأما بعدها فسؤرها نجس اتفاقا إذا كان على الفور ‏,‏ وإن مكثت ساعة لا يتنجس عند أبي يوسف ويتنجس عند محمد ‏;‏ لأن فمها يتنجس بالفأرة ‏,‏ والنجس لا يطهر إلا بالماء عنده ‏(‏ والدجاجة المجلاة ‏)‏ الجائلة في عذرات الناس ‏;‏ إذ لو كانت محبوسة لا يصل منقارها إلى تحت قدميها لا يكره ‏(‏ وسباع الطير ‏)‏ ‏;‏ لأنها تأكل الميتات عادة إلا المحبوس الذي يعلم صاحبه أن لا قذر على منقاره روي ذلك عن أبي يوسف واستحسنه المشايخ ‏(‏وسواكن البيت كالحية والفأرة مكروه‏)‏ والقياس أن يكون سؤرهما نجسا لنجاسة لحمها لكن سقطت نجاسة سؤرهما لعلة الطواف فبقيت كراهتهما كراهة تنزيه في الأصح وهذه العلة تجري في الهرة ‏.‏ وفي الخلاصة ‏:‏ وحكم الماء المكروه أنه لو توضأ به مع القدرة على ماء آخر يجوز مع الكراهة وإن كان عادما للماء توضأ به ولا يتيمم ‏.‏

سؤر البغل والحمار

‏(‏ وسؤر البغل والحمار مشكوك ‏)‏ وهذه عبارة أكثر المشايخ وأنكرها أبو طاهر الدباس وقال ‏:‏ حاشا أن يكون شيء من أحكام الله - تعالى - مشكوكا فيه بل سؤر الحمار طاهر لو غمس فيه الثوب جازت الصلاة فيه إلا أنه يحتاط فيه فأمر بالجمع بينه وبين التيمم قيل الشك في طهارته وقيل في طهوريته وقيل جميعا ‏.‏

والقول الثاني اختيار صاحب الهداية والوجيز وهو الأصح ‏;‏ لأن سؤرهما طاهر ‏;‏ ولهذا قالوا ‏:‏ لو مسح رأسه بسؤر الحمار ثم وجد الماء المطلق لا تجب إعادته والمراد بالشك ها هنا التوقف لتعارض الأدلة لما روي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه قال ‏:‏ سؤر الحمار طاهر ‏.‏

وعن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أنه نجس ولم يترجح دليل النجاسة لثبوت الضرورة فيه ‏;‏ لأن الحمار يربط في الدور فيشرب في الآنية لكن ليست كضرورة الهرة ‏;‏ لأنها تدخل في المضائق دون الحمار فلو لم تكن فيه ضرورة أصلا كان كالسباع في الحكم بالنجاسة بلا إشكال ‏,‏ ولو كانت الضرورة كضرورتها كان مثلها في سقوط النجاسة ‏,‏ وحيث ثبتت الضرورة من وجه واستوى ما يوجب النجاسة والطهارة تساقطا للتعارض ووجب المصير إلى الأصل ‏,‏ وهو شيئان الطهارة في جانب الماء ‏,‏ والنجاسة في جانب اللعاب وليس أحدهما أولى من الآخر فبقي الأمر الآخر مشكلا ‏,‏ وأما البغل فمثل الحمار ‏;‏ لأنه من نسله وكان بمنزلته ‏.‏ وفي الغاية هذا إذا كانت أمه أتانا ‏,‏ وأما إذا كانت رمكة يكون سؤره طهورا ‏;‏ لأن الولد يتبع الأم ‏(‏ يتوضأ به إن لم يجد غيره ويتيمم ‏)‏ أي بجمع بينهما احتياطا في صلاة واحدة حتى لو توضأ بسؤر الحمار وصلى ثم أحدث وتيمم وأعاد تلك الصلاة جاز ولو توضأ بسؤر الحمار وتيمم ثم أصاب ماء نظيفا ولم يتوضأ به حتى ذهب الماء ‏,‏ ومعه سؤر الحمار فعليه التيمم وليس عليه إعادة الوضوء بسؤر الحمار ‏,‏ ولو تيمم وصلى ثم أراق يلزم إعادة التيمم والصلاة ‏;‏ لأنه يحتمل أن يكون سؤر الحمار طهورا ‏.‏

‏(‏ وأيا قدم جاز ‏)‏ والأفضل تقديم الوضوء ‏,‏ وقال زفر ‏:‏ لا يجوز إلا التقديم واختلف في نية الوضوء بسؤر الحمار والأحوط أن ينوي ‏.‏

باب التيمم

باب التيمم معنى الباب في اللغة النوع ‏,‏ وقد يعرف بأنه طائفة من المسائل الفقهية اشتمل عليها كتاب ولقب بباب كذا ابتدأ بالوضوء ثم ثنى بالغسل ثم ثلث بالتيمم على وفق ما في كتاب الله - تعالى تقديما لما حقه أن يقدم التيمم لغة القصد وشرعا طهارة حاصلة باستعمال الصعيد الطاهر في عضوين مخصوصين على قصد مخصوص‏.‏

قال الزيلعي ‏:‏ وفي الشرع عبارة عن استعمال جزء من الأرض في أعضاء مخصوصة على قصد التطهير وفيه بحث ‏,‏ وهو أنه لا يشترط استعمال الجزء في الأعضاء حتى يجوز بالحجر الأملس كما صرحوا به انتهى ‏,‏ ويمكن أن يجاب عنه بأن يراد من الجزء الجزء الحاصل من الأرض والحجر أيضا من الأرض والمراد باستعماله ‏:‏ استعماله المعتبر شرعا تدبر والأصل في شرعيته قوله تعالى ‏{‏ فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا ‏}‏ وقوله عليه الصلاة والسلام ‏"‏ التراب طهور المسلم ولو إلى عشر حجج ما لم يجد الماء ‏"‏ ‏.‏

‏(‏ يتيمم المسافر ‏)‏ لقوله تعالى ‏{‏ أو على سفر ‏}‏ الآية السفر المعتبر ها هنا هو السفر العرفي والشرعي ‏;‏ لأن قليله وكثيره سواء في التيمم ‏,‏ والصلاة على الدابة خارج المصر ‏.‏ ‏(‏ ومن هو خارج المصر ‏)‏ وإنما قيد بهذا بناء على الغالب لا للاحتراز عن المصر ‏;‏ لأن عادم الماء في المصر يتيمم كذا في الأسرار ‏(‏ لبعده عن الماء ‏)‏ الصالح للوضوء ‏,‏ والتعريف للعهد فلم يدخل ما لا يصلح له وإن كان التنكير في قوله تعالى ‏{‏ فلم تجدوا ماء ‏}‏ يدل على إفادة العموم لوقوعه في سياق النفي ولا يلزم المنافاة ‏;‏ لأنه إنما ينافي قول أصحابنا أن لو كان المفهوم حجة وهم لا يقولون به ‏(‏ ميلا ‏)‏ سواء كان مسافرا أو مقيما والميل ثلث الفرسخ وقيل ثلاثة آلاف ذراع وخمسمائة إلى أربعة آلاف ‏.‏ وفي الصحاح الميل من الأرض منتهى مد البصر وعن الكرخي أنه إن كان في موضع يسمع منه صوت أهل الماء فهو قريب ‏,‏ وإلا فهو بعيد ‏.‏ وعن أبي يوسف إذا كان بحيث لو ذهب إليه توضأ لغابت القافلة عن بصره فهو بعيد يجوز له التيمم ‏.‏

شرط التيمم

‏(‏ وشرطه العجز عن استعمال الماء حقيقة ‏)‏ بأن لا يجده ‏(‏ أو حكما ‏)‏ بأن وجده لكن لم يقدر على استعماله بسبب كما بين آنفا ‏.‏ ‏(‏ و ‏)‏ شرطه ‏(‏ طهارة الصعيد ‏)‏ لقوله تعالى ‏{‏ صعيدا طيبا ‏}‏ والصعيد اسم لوجه الأرض ترابا وغيره والطيب هناك بمعنى الطاهر بدلالة قوله تعالى ‏{‏ ولكن يريد ليطهركم ‏}‏ ‏.‏ ‏(‏ والاستيعاب في الأصح ‏)‏ وهو ظاهر الرواية ‏,‏ وعليه الفتوى لقيامه مقام الوضوء في العضوين المخصوصين حتى قالوا لو لم يخلل الأصابع أو لم ينزع الخاتم أو لم يمسح تحت الحاجبين لم يجز تيممه وبهذا تبين ضعف ما روي عنه أن مسح أكثر الوجه واليدين كاف ‏.‏

‏(‏ والنية ‏)‏ فرض عندنا ‏;‏ لأن التيمم أضعف من الوضوء لانتقاضه برؤية الماء فيتقوى بالنية خلافا لزفر ‏.‏

‏(‏ ولا بد من نية قربة مقصودة ‏,‏ ولا تصح بدون الطهارة ‏)‏ كالصلاة أو سجدة التلاوة أو صلاة الجنازة ‏,‏ ولو تيمم لقراءة القرآن فالصحيح أنه لا تجوز الصلاة وكذا لمس المصحف ودخول المسجد لا تصح به الصلاة ‏;‏ لأنه لم ينو به قربة مقصودة لكن يحل له مس المصحف ‏,‏ ودخول المسجد كذا في صدر الشريعة ‏.‏ وقال صاحب الفرائد ‏:‏ فيه إشكال ‏;‏ لأن علة عدم صحة الصلاة بمثل هذا التيمم على ما ذكر في الهداية هو أن التراب ما جعل طهورا إلا في حال إرادة قربة مقصودة ألبتة فمقتضى ذلك أن التراب في التيمم لمس المصحف ودخول المسجد غير طهور فما حل مس المصحف ‏,‏ ودخول المسجد باستعمال تراب غير طهور انتهى لكن لا إشكال فيه ‏;‏ لأن مراد صدر الشريعة بقوله لم ينو به قربة مقصودة لم يكن القصد إليها أصالة بل ضمنا لأن المس والدخول ليس بقربة مقصودة أصالة بل المقصود منهما التلاوة والصلاة غالبا وهما مقصودان ضمنا وبهذا القدر يكفي لمس المصحف ودخول المسجد كما لو اغتسل وقدماه في مستنقع الماء المستعمل لا تجوز به الصلاة ولكن يجوز به مس المصحف ولا يتجاوز إلى الصلاة ‏;‏ لأنه لا بد لها من طهارة كاملة وكمالها أن ينوي قربة مقصودة بنفسها لا في ضمن شيء آخر تدبر ‏.‏

‏(‏ فلو تيمم كافر للإسلام لا تجوز صلاته به ‏)‏ عندهما ‏;‏ لأنه ليس بأهل للنية ‏(‏ خلافا لأبي يوسف ‏)‏ فإن عنده صحيح للإسلام لا للصلاة ‏;‏ لأنه نوى قربة مقصودة ‏(‏ ولا يشترط تعيين الحدث أو الجنابة هو الصحيح ‏)‏ احتراز عما قاله أبو بكر الرازي فإنه يقول يحتاج إلى نية التيمم لرفع الحدث أو الجنابة ‏;‏ لأن التيمم لهما بصفة واحدة فلا يتميز أحدهما عن الآخر إلا بالنية ‏.‏

صفة التيمم

‏(‏ وصفته أن يضرب يديه على الصعيد فينفضهما ‏)‏ إذا كثر الغبار لئلا يصير مثلة ‏.‏ النقض تحريك الشيء ليسقط ما عليه من غبار أو غيره ‏,‏ والمثلة ما يتمثل به في تبديل خلقته ‏(‏ ثم يمسح بهما وجهه ثم يضرب بهما كذلك ويمسح بكل كف ظاهر الذراع الأخرى وباطنها مع المرفق ‏)‏ لقوله عليه الصلاة والسلام ‏:‏ ‏"‏التيمم ضربتان ضربة للوجه وضربة للذراعين إلى المرفقين‏"‏ وفي المحيط وكيفيته أن يضرب يديه على الأرض ثم ينفضهما حتى يتناثر التراب فيمسح بهما وجهه ثم يضرب أخرى فينفضهما ويمسح بباطن أربع أصابع يده اليسرى ظاهر يده اليمنى من رءوس الأصابع إلى المرفق ‏,‏ ثم يمسح بباطن كفه اليسرى باطن يده اليمنى إلى الرسغ ويمر بباطن إبهامه اليسرى على ظاهر إبهامه اليمنى ثم يفعل باليد اليسرى كذلك ‏,‏ وهذا أحوط ‏;‏ لأن فيه احترازا عن استعمال التراب المستعمل بقدر الإمكان فالتراب الذي على يديه يصير مستعملا بالمسح حتى لو ضرب يديه مرة ثم مسح بهما وجهه وذراعيه لا يجوز ‏,‏ ولا يجب مسح باطن الكف ‏;‏ لأن ضربهما على الأرض يغني عنه ‏.‏

وقال صدر الشريعة ثم إذا لم يدخل الغبار بين أصابعه فعليه أن يخلل أصابعه فيحتاج إلى ضربة ثالثة لتخليلها انتهى كذا ذكره في الذخيرة ‏.‏ وقال بعض الفضلاء ‏:‏ يلزم من كلامه اشتراط النقع ‏,‏ وقال بعده ‏:‏ ولو بلا نقع فيلزم المنافاة انتهى لكن يمكن التوجيه بين كلاميه بحمل الأول على رواية من يجوزه بلا نقع ‏,‏ والثاني على رواية من لا يجوزه بلا نقع فلا يلزم المنافاة ‏,‏ ومن لم يتفطن على هذا قال تدبر ‏,‏ ولا يجوز بأقل من ثلاثة أصابع ‏;‏ لأنه مسح مشروع في طهارة معهودة فصار كمسح الخفين والرأس ‏.‏

الجمع بين الوضوء والتيمم

‏(‏ ولا يجمع بين الوضوء والتيمم ‏)‏ لما فيه من الجمع بين الأصل والخلف بخلاف الجمع بين التيمم وسؤر الحمار ‏;‏ لأن الغرض يتأدى بأحدهما لا بهما فجمعنا بينهما لمكان الشك ‏(‏ فإن كان أكثر الأعضاء ‏)‏ أي أكثر أعضاء الوضوء ‏(‏ جريحا ‏)‏ في الحدث الأصغر أو أكثر جميع بدنه في الحدث الأكبر ‏(‏ يتيمم ‏)‏ ولا يجوز أن يغسل الصحيح ويمسح الجريح ‏.‏ ‏(‏ وإلا ‏)‏ أي وإن لم يكن أكثر الأعضاء جريحا بل مساويا أو أكثر الأعضاء صحيحا ‏(‏ غسل الصحيح ومسح على الجريح ‏)‏ إن لم يضره وإلا فعلى الخرقة ‏,‏ ولا يجوز التيمم ‏;‏ لأن للأكثر حكم الكل ‏.‏